لَمَّا كَانَ نُعْمانُ يَتَأَمَّلُ مَنْظَرَ النُّجوم، انْطَلَقَتْ صَفَّارَةُ الإنذار وَاشْتَعَلَتْ أَضْوَاءٌ حَمْرَاءُ فِي لَوْحَةِ الْقِيادَةِ، وَتَوَفَّفَتِ الْمُحَرِّكاتُ عَنِ الدَّوَرانِ، فَأَضْطُرَّ إِلَى الْهُبوطِ عَلَى سَطْحِ كَوْكَبِ الْمِرْيخ. أَرْسَى سَفِينَتَهُ وَنَزَلَ يَتَفَقَّدُ مَكانَ الْعَطَبِ وَهُوَ يَنِطُّ بِخِفَّةٍ كَبَالُونٍ، وَفِيمَا هُوَ مُتَحَيِّرٌ قَلِقٌ، رَأَى مِنْ بَعِيدٍ شَيْئاً لامعاً يَتَّجِهُ نَحْوَهُ بِسُرْعَةٍ، وَيَزْدادُ حَجْمُهُ كُلَّمَا ازْدَادَ اقْتِرَاباً مِنْهُ، فَعَرَفَ أَنَّهُ صَحْنِّ طَائِرٌ.
تَوَقَّفَ الصَّحْنُ وَانْفَتَحَتْ بَوَابَتُهُ، فَظَهَرَ مَخْلُوقٌ غَرِيبُ الشَّكْلِ أَخْضَرُ اللَّوْنِ وَقَصيرُ الْقامَةِ، اقْتَرَبَ مِنْ نُعْمانَ وَكَلَّمَهُ بِلُغَةٍ غَيْرِ مَأْلُوفَةٍ. مَا فَهِمَ الصَّبِيُّ شَيْئاً بَلْ أَشارَ إلى مَرْكَبَتِهِ بِمِبْراغِهِ. اِبْتَسَمَ الْمَخْلُوقُ الْفَضائِيُّ وَتَوَجَّهَ نَحْوَ السَّفِينَةِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى خَزَانِ الْوَقودِ فَإِذا بِالْمُحَرِّكاتِ تَدورُ مِنْ جَديدٍ، سُرَّ نُعْمانُ، وَلَمَّا تَعالَتْ ضَحَكَاتُهُ سَمِعَ صَوْتاً يُناديهِ فَأَفاقَ مِنْ غَفْوَتِهِ وَتَنَهَّدَ قَائِلاً:
- «سَأَجِدُ وَأَتَفَوَّقُ في دراستي لِكَيْ أصيرَ رَائِدَ فَضاءٍ وَأُحَقِّقَ أَمَلِي».
🎧 استمع